• لا يوجد نتائج مقترحة

مقالة

باولو شيجي: نجم من الستينيات يسطع من جديد

هناك عمق حقيقي تمتاز به أعمال الفنان الإيطالي الذي استخدم لوحات قماشية ذات طبقات مثقوبة لخلق مزيج مذهل بين الرسم والنحت. يستكشف أليستر سمارت شعبية هذا الفنان التي ظهرت مجددًا.

اليستر سمارت

27/03/2018

فقط 10 سنوات مضت بين أول عرض منفرد لباولو شيجي، في جاليريا فيجنا نوفا في فلورنسا في عام 1961، وبين وفاته بسبب مرض خلقي في القلب، عن عمر يناهز 30 عامًا.

حقق قدرًا كبيرًا من النجاح في حياته المهنية القصيرة، على سبيل المثال، من خلال تمثيله إيطاليا في بينالي البندقية عام 1966، وظهوره في معارض جماعية حول العالم، وتصميمه لأستوديو أزياء في ميلانو لمصمم الأزياء الرائد جيرمان ماروتشيلي، حتى أنه أسس مجلة الفنون والثقافة (مالينتيسو Il) التي كان جان بول سارتر من بين مساهميها.

إلا أن شهرة شيجي لم تزدهر حقًا إلا في السنوات القليلة الماضية. ففي عام 2015، نُشر كتالوج ريزونيه، وقام بتحريره لوكا ماسيمو باربيرو، أمين متحف مجموعة بيجي جوجنهايم في البندقية. وفي نفس العام، خُصص عرض منفرد كبير له في معرض روبليانت+ فوينا في لندن.

كما ارتفعت أسعار أعمال شيجي في المزاد أيضًا عام 2015، وكان الرقم القياسي له للوحة "انحناءات بين الأسطح البيضاء " أو " Intersuperficie Curva Bianca" (1969) التي حققت 1.62 مليون يورو (بما يقدر بأكثر من ثلاثة أضعاف 500 ألف يورو) في مزاد سوثبي.

كانت أعظم موهبة لشيجي هي قدرته على تحويل ثلاث لوحات قماشية فارغة إلى أعمال فنية غاية في الجمال

أحد الأسباب المعروفة لهذه الشعبية الجديدة هو أنه استفاد من كونه تلميذاً للفنان لوتشيو فونتانا. وقد اشتهر فونتانا بلوحاته المشقوقة بالسكاكين على قماش أحادي اللون، وهي تُعد اليوم من الأعمال الناجحة من الناحية المالية والعصرية أيضًا، وكان لذلك مما لا شك فيه تأثيرًا إيجابيًا على شيجي الذي كان يصغره بنحو 40 عامًا والذي شارك فونتانا في نظرته الفنية وفي مسقط رأسه في مدينة ميلانو.

أعاد فونتانا صياغة مفهوم مستوى الصورة بشكل جذري عن طريق ثقب الأسطح وشقها، مما أعطى اللوحة بعدًا جديدًا (ثالثًا).

بعد ذلك، ابتكر شيجي أعمالًا تُعرف باسم "Intersuperfici " (أو، باللغة الإنجليزية، "Intersurfaces" أو "بين الأسطح") - وهي أعمال تتكون من ثلاث لوحات قماشية مكدسة فوق بعضها البعض، مع فتحات مشقوقة في أماكن مختلفة لخلق إحساس بانحسار المساحة. في مثل هذه الأعمال الأولى، كانت هذه الفتحات تميل إلى أن تكون بيضاوية الشكل، بينما تحولت فيما بعد إلى أشكال دائرية.

وكانت النتيجة هجينًا مذهلاً بين الرسم والنحت، أسماها الناقد المعاصر جيلو دورفليس pitture oggetti أو "كائنات الصورة" في عام 1966. وبصرف النظر عن المسميات، كان التأثير مقنعًا، فقد سمحت الفتحات للتلاعب بالضوء والظل والخسوف الجزئي.

كانت هذه الأعمال أحادية اللون، ولكن مع اعتياد شيجي دائمًا لاختيار ثلاث لوحات من نفس اللون وتنوع الظلال فيها، أصبح هذا الوصف خاطئًا.

أحد الأمثلة المدهشة لأعماله كانت "Per Una Situazione" أو "لكل حالة"، حيث قام الفنان بوضع أكريليك أحمر على ثلاث لوحات متداخلة مع أشكال عضوية مقطوعة. يشكل هذا العمل الفني جزءًا من مجموعة انتيسا سان باولو الرائعة للفن الإيطالي الحديث والمعاصر - كما ظهر في تصنيف 101/900، وهو منشور حديث للبنك عن أفضل 101 عمل من أعمال القرن العشرين.

على عكس أساتذة عصر النهضة الإيطالية الذين غيروا الفن من خلال خلق إحساس وهمي بالعمق من خلال الرسم الرمزي، قام شيجي بإدراج العمق الحقيقي في أعماله، وهي أعمال تجريدية تمامًا، بحيث يمكن للمرء أن يراها بمثابة ازدراء لأسلافه اللامعين.

 

 

ومع ذلك، فبالنسبة لأغلب الجمهور، كانت لوحات "بين الأسطح" تتعلق بالحاضر أكثر منها للماضي. وأشاد فونتانا بفن شيجي ووصفه بأنه "يمثل عصره" وكانت أعماله باللون الأبيض - في بعض الأحيان - تُقارن بالصور الأولى لمسبار الفضاء رينجر 7 في يوليو 1964 للمناظر الطبيعية للقمر التي تم إرسالها من الجانب البعيد منه الذي يتسم بوجود الحُفر.

ولكن كل ذلك لا يستطيع أن يشرح سبب تمتع شيجي بشعبية كبيرة الآن بعد ما يقرب من 40 عامًا على وفاته. ويمكن إرجاع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أن الفن الإيطالي في فترة ما بعد الحرب - قبل فونتانا على وجه التحديد وإلى حد كبير في جميع المجالات - شهد قفزة في الأسعار. ويبدو أن هواة جمع الفنون على المستوى الدولي قد أدركوا أن هذا السوق بأهميته القصوى لم يتم استغلاله تجاريًا.

ومن الجدير بالذكر أيضًا أن حقبة الخمسينات والستينات كانت تدور حول ما حدث في الولايات المتحدة لعدة سنوات - بحسب المسودة الأولى لتاريخ الفن - ثم جاء فنانو البوب والفن ​​التعبيري والتجريدي.

ومع ذلك، أصبح اليوم مفهومنا لتلك الفترة أكثر ثراءً وعالمية، مما يعني أن الفنانين غير الأمريكيين حظو أخيرا بالانتباه. وفي حالة شيجي، هناك تقدير لدوره في المساعدة في الارتقاء بالرسم التقليدي إلى آفاق جديدة غير مسبوقة بعد الحرب العالمية الثانية

العامل الرئيسي لشعبيته هو أن أعماله تبدو وكأنها صنعت بالأمس

يُنسب شيجي إلى حد ما إلى بعض الحركات مثل حركة الصفر في جميع أنحاء أوروبا، وهي حركة لمجموعة من الفنانين الطليعيين الذين خُصص لهم معرض لعرض أعمالهم في متحف جوجنهايم عام 2014 في نيويورك.

ومن الممكن أيضًا أن يكون سبب ارتفاع أسعار اعمال شيجي هو وفاته المبكرة وأن المعروض منها - وهو ما يبلغ حوالي 300 لوحة - يُعد قليلًا نسبيًا، كما أن فنه يذكرنا إلى حد ما بالحركات التي نعرفها بالفعل، مثل "الفن البصري" بتأثيراته البصرية الأنيقة، وقد يُنظر إلى شيجي أو يُظن أنه مثالًا أوليًا لهذا النوع من الفن.

العامل الرئيسي الأخير هو أن أعماله تبدو وكأنها صنعت بالأمس. وهذا يعني أن اللون الهادئ، اللطيف، الأحادي ينسجم تمامًا مع المعارض الفنية ذات الجدران البيضاء والمنازل الحديثة البسيطة في القرن الحادي والعشرين. وكانت أعظم موهبة لشيجي هي قدرته على تحويل ثلاث لوحات قماشية فارغة إلى أعمال فنية غاية في الجمال.

مقالات ذات صلة

جوزيتا فيوروني: راكبة الأمواج الفضية لفن البوب الإيطالي
تيبولو: سيد عصر الروكوكو بلا منازع
من قطعة قماش بالية إلى تحفة فنية
تواصل معنا

للمزيد من المعلومات عن منتجاتنا وخدماتنا